كراتشي: " أريد أن يحترق وجهه وجسمه بماء النار... أريده أن يعاني العذاب نفسه الذي أمر به ". هذا ما قالته ماريا شاه، 25 عاماً، التي تعمل في قطاع الصحة ببلدة شيكاربور الواقعة على بعد 500 كيلومتر من كراتشي، وهي تجلس على كرسي أمام مركز الحروق بالمستشفى المدني بكراتشي.
وكانت ماريا قد تعرضت لحروق بماء النار من وجهها حتى فخذها لرفضها الزواج من سائق كان أهلها قد استأجروه ليقلها إلى المدرسة. وقد تم القبض على السائق وتقديمه إلى المحكمة.
ويقول الخبراء أن أسوأ وأفظع أشكال العنف ضد النساء في باكستان المتمثل في حرقهن بماء النار بغية تشويههن أو الانتقام منهن يترك فيهن آثاراً جسدية ونفسية دائمة.
وقال وقار أنصاري، المسؤول عن وحدة العناية المركزة في مركز الحروق بالمستشفى المدني: "كانت هناك حالات لنساء أقدمن على الانتحار" بسبب تعرضهن للحرق بماء النار".
وتتنوع أسباب الإقدام على الحرق بين الغيرة العمياء أو الرغبة في الانتقام أو إلحاق عقاب دائم بالضحية.
"جريمة قتل"
وترى شاهناز بوخاري من الجمعية النسائية التقدمية في إسلام أباد، والتي بدأت تعمل مع ضحايا الحروق منذ عام 1994، أن الحرق بماء النار هو بمثابة "جريمة قتل"، مشيرة إلى أن هذا النوع من الجرائم وصل أوجه خلال التسعينيات في الهند وبنغلاديش. ولكنهم "تمكنوا في الوقت الحالي من الحد من هذه الجرائم بفضل وضع تشريعات وفرض عقوبات".
وأضافت قائلة: "ولكننا [في باكستان] لا نفعل أكثر من إزاحة الموضوع جانباً وتفادي التطرق إليه".
كما رفضت بوخاري تقبل فكرة أن تكون حالات الحرق هذه مجرد حوادث عارضة كما يتم الادعاء متسائلة "لماذا تقتصر هذه الجرائم على النساء ولماذا يتم استهداف أعضائهن التناسلية في غالبية الحالات؟".
ومن بين ضحايا الحرق، سايرة لياقات التي كانت في الصف العاشر ولم يكن عمرها يتعدى 16 عاماً في 2003 عندما قام خاطفها بإلقاء ماء النار على وجهها لتلقين أسرتها درساً لا تنساه. وشرح لياقات علي، والد سايرة، تفاصيل الجريمة قائلاً: "كان الفاعل قد تقدم إلينا مراراً طالباً الزواج من سايرة ولكننا كنا نطلب منه أن ينتظر عامين فقط إلى أن تنهي دراستها. هذا كل ما في الأمر. ولكنه قام بدل ذلك بمعاقبتها مدى الحياة".
ولا تتوفر أية إحصائيات شاملة في البلاد تدل على مدى تزايد نسبة هذه الجرائم، وذلك بسبب عدم لجوء معظم الضحايا للشرطة مخافة تعرض أقاربهن للانتقام، بالإضافة إلى رفض الشرطة في أحيان كثيرة وضع تقرير كتابي عن الحادثة في سجلاتها.
وأوضحت بوخاري أنه "قد تم خلال الفترة بين 1994 و2006 تسجيل 7,990 حالة أحيلت إلى المستشفيات فقط في محيط لا يتعدى 200 ميل من إسلام أباد". وأعربت عن معارضتها للإجراء الطبي القانوني القاضي بأخذ أقوال الضحايا مباشرة بعد الإصابة لأنهن "طبعاً يكن مرعوبات من المعتدين ويخفن قول الحقيقة مما ينتهي ببقاء المجرمين طلقاء".
وقالت أنه خلال آخر سنتين من عهد الرئيس برفيز مشرف، بدأت الحالات المسجلة في المستشفيات في الانخفاض. وأضافت: "لقد صعقت تماماً عندما علمت أن المستشفيات تلقت أمراً كتابياً بعدم قبول ضحايا الاعتداء بالحرق". وأشارت إلى أن هذا التوجه كان يهدف إلى تحسين وضع باكستان فيما يخص قضايا حقوق الإنسان.